رفض واسع لاعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان وتحذيرات من التداعيات
أثار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الإثنين، موجة رفض وتحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات خطيرة، باعترافه رسميا بسيادة تل أبيب المزعومة على مرتفعات الجولان السورية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، في وضع لا يعترف به المجتمع الدولي.
معلقا على توقيع ترامب قرارا بهذا الشأن، خلال مؤتمر صحفي في واشنطن، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، في مؤتمر صحفي: “موقفنا لم يتغير (…) وتعكسه قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة”.
وتنتهك خطوة ترامب قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981، الذي يؤكد الوضع القانوني للجولان السوري كأرض محتلة، ويرفض قرار ضم إسرائيل لها، عام 1981، ويعتبره باطلا ولا أثر قانونيا له.
كما رفض الاتحاد الأوروبي قرار ترامب، بقوله في بيان، إن “موقف الاتحاد الأوروبي لم يتغير، حيث إننا لا نعترف بسيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها منذ 1967، بما فيها مرتفعات الجولان”.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط: “إذا كان الاحتلال جريمة كبرى، فإن شرعنته وتقنينه خطيئة لا تقل خطورة، فالقوة لا تنشئ حقوقا ولا ترتب مزايا، والقانون الدولي لا تصنعه دولة واحدة مهما كانت مكانتها”.
وشدد أبو الغيط، في بيان، على أن واشنطن “صارت تتماهى بصورة كاملة مع المواقف والرغبات الإسرائيلية”، مما أوجد “حالة من الخروج على القانون الدولي روحا ونصا تقلل من مكانة الولايات المتحدة الأمريكية”.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية إن ترامب “يستعد لتدمير القانون الدولي الذي يحمي سكان الجولان المحتل”.
وحذرت المنظمة، في بيان، من أن القرار “يشجع دولا أخرى محتلة على تصعيد ضمّ الأراضي، وإنشاء المستوطنات، ونهب الموارد”.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن “القرار الأمريكي حول مرتفعات الجولان، وقصف إسرائيل في الوقت نفسه لقطاع غزة، (هو) مظهر من مظاهر عقلية المواجهة ومناهضة السلام”.
وشدد قالن، عبر “تويتر”، على أن “الحرب وسياسات الاحتلال غير شرعية وغير إنسانية أيا كان داعمها”.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، خلال فعالية بولاية أنطاليا (جنوب غرب)، إن “تركيا ستقوم باللازم في كافة المحافل بما فيها الأمم المتحدة، ضد قرار ترامب (…)، وستعمل مع المجتمع الدولي، لأننا لا ندعم ولا نقبل الخطوات أحادية الجانب”.
وحذر تشاووش أوغلو، عبر “تويتر” في وقت سابق الإثنين، من أن القرار “سيقوض مساعي إحلال السلام في الشرق الأوسط، وسيزيد من التوتر في المنطقة”.
كما حذرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في تصريح إذاعي، من أن القرار الأمريكي، الذي “يتناقض مع القوانين الدولية”، “قد يؤدي إلى تصعيد التوتر بمنطقة الشرق الأوسط”.
وقال مصدر رسمي بخارجية النظام السوري إن القرار “يمثل أعلى درجات الإزدراء للشرعية الدولية (…) ويفقد الأمم المتحدة مكانتها ومصداقيتها”، بحسب الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا).
وحذر من أن “هذه السياسة العدوانية الأمريكية تجعل من المنطقة والعالم عرضة لكل الأخطار”، وشدد على أنه من حق سوريا العمل على تحرير الجولان بـ”بكل الوسائل المتاحة”.
وأعرب وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في بيان، عن رفض المملكة ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان المحتلة، محذرا من أن “أي اعتراف بهذا الضم يعد قرارًا أحاديا سيزيد التوتر في المنطقة”.
ومنتقدة “استيلاء إسرائيل على الأراضي بالعنف والعدوان”، حذرت الخارجية اللبنانية، في بيان، تل أبيب من “عزلة أكبر” و”هزيمة عسكرية جديدة”، واعتبرت أن قرار ترامب أسقط “مبدأ الأرض مقابل السلام”.
وتبنت قمة عربية، في بيروت عام 2002، مبادرة سعودية للسلام مع إسرائيل، تنص على إقامة علاقات عربية طبيعية معها، مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين. لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رفضت المبادرة.
ورفضت قطر الخطوة الأمريكية، وجددت وزارة الخارجية، في بيان، “تأكيد الدوحة على موقفها المبدئي الثابت بأن هضبة الجولان أرض عربية محتلة”.
وأكد البيان أن “مساعدة الاحتلال الإسرائيلي على ازدراء القرارات الأممية ذات الصلة بهضبة الجولان المحتلة وخصوصا قرار مجلس الأمن رقم 497 لسنة 1981 لن تغير من حقيقة أن الهضبة أرض عربية محتلة”.
وشدد البيان على “ضرورة امتثال الاحتلال الإسرائيلي لقرارات الشرعية الدولية بالانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان”.
وأعرب نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله، الإثنين، عن أسفه لقرار ترامب.
وقال الجارالله في تصريح للصحفيين، إن هذا الاعتراف سيؤدي إلى “مزيد من التوتر وتدهور عملية السلام المتعثرة أصلا”.
وشدد على أن الخطوة الأمريكية تأتي “تجاوزا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن وخصوصا القرار رقم 497 والذي يدعو إسرائيل إلى إلغاء ضم مرتفعات الجولان”.
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في غزة، إسماعيل هنية، إن “هذه القرارات الظالمة (…) لن تغير الحقائق التاريخية والجغرافية للأرض السورية وحقوق الشعب العربي السوري في الجولان المحتل”.
وشدد هنية، في بيان، على أن “وقوف حماس بجانب سوريا أمام هذه الغطرسة الأمريكية، التي لا تحترم الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، والتي طالت أيضا قضيتي القدس واللاجئين”.
من جانبه، دعا محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق، للرد على القرار الأمريكي، وقال عبر حسابه بـ”تويتر”: “يضرب ترامب كل يوم عرض الحائط بالحقوق العربية فى مشهد مستمر”.
وأضاف: “ليس صحيحاً أننا غير قادرين على مواجهة مايقوم به وإنما السؤال هو هل لدينا الإرادة، أرجو مخلصاً أن يتناسب رد الفعل مع المهانة التي يشعر بها ٤٠٠ مليون عربي والتي تتزايد يوماً بعد يوم”.
كما عبرت موريتانيا، الإثنين، عن أسفها الشديد لقرار ترامب، واعتبرت خارجيتها القرار “انتهاكًا لعموم المبادئ الناظمة للقانون، خرق لقرارات الشرعية الدولية، وبخاصة القرار 497 لسنة ويزعزع استقرار عموم المنطقة و العالم أجمع”.
وأكدت موريتانيا تمسكها بوحدة الأراضي السورية كافة، وفقا لمقتضيات القانون وقرارات الشرعية الدولية.
وشدد البيان على وقوف موريتانيا “الكامل وراء الحق السوري، وفقا للموقف العربي المشترك الذي عبرت عنه جامعة الدول العربية، كما تشيد بكل الردود الصادرة على مستوى العالم نصرة لهذه القضية العادلة، آملة في الوقت ذاته أن تتغلب الحكمة والحق”.
بدورها أعلنت كندا، رفضها القرار، وبحسب بيان صادر عن وزارة خارجيتها شددت على أنها “وبشكل يتفق مع القانون الدولي لا تعترف بالسيطرة الدائمة لإسرائيل على مرتفعات الجولان”.
وشدد البيان على أن “كندا لم تغير موقفها المستمر منذ فترة طويلة بشأن مسألة مرتفعات الجولان”، مضيفًا “فلقد حظر القانون الدولي ضم أرض ما من خلال استخدام القوة، كما أن أي قرار أحادي الجانب بتغيير الحدود يتنافى مع أساس النظام الدولي القائم على معايير”.
ولفت أن “إسرائيل صديق قوي، ونحن بجانبها، وندافع عن حقها في التعايش مع جيرانها في أمن وسلام”.
وسبق أن أثار ترامب غضبا عربيا وانتقادات دولية بإعلانه، في 6 ديسمبر/ كانون أول 2017، القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، التي تحتل المدينة الفلسطينية منذ 1967، في وضع لا يعترف به كذلك المجتمع الدولي.