الشبكة السورية: قرابة 4247 مختف قسريا في الرقة وتحديد هوية الجثث في المقابر الجماعية مسؤولية دولية
قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقريرها الصادر اليوم، إنَّ تحديد هوية الجثث في المقابر الجماعية في محافظة الرقة مسؤولية دولية، مشيرة لوجود قرابة 4247 مختفٍ في محافظة الرقة بحاجة إلى الكشف عن مصيرهم، مع تكشف العديد من المقابر الجماعية في مناطق كانت تخضع لسيطرة داعش.
وأشار التقرير مقتل قرابة 2323 مدنياً في محافظة الرقة بينهم 543 طفلاً و346 سيدة، خلال معركة غضب الفرات أي منذ تشرين الثاني/ 2016 حتى تشرين الأول/ 2017، معظمهم قتلَ على يد قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي، ودفنهم ذووهم في الحدائق والملاعب، وفي أفنية المنازل أيضاً؛ بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى مقبرة “تل البيعة” نتيجة الحصار الناري، الذي فرضته قوات سوريا الديمقراطية على مدينة الرقة تحديداً.
أكَّد التقرير أنَّ القسم الأعظم من الجثث الموجودة في المقابر الجماعية تعود إلى ضحايا قتلوا على يد قوات سوريا الديمقراطية وقوات التَّحالف الدولي، أو ضحايا قتلهم داعش من مدنيين أو من قوات النظام أو من قتلى داعش خلال المعارك أو الرهائن أو القتلى خلال المعارك مع فصائل المعارضة المسلحة.
وأشار التقرير إلى حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلوا في محافظة الرقة على يد أطراف النزاع منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2019 ما لا يقل عن 4823 مدنياً بينهم 922 طفلاً و679 سيدة، قتل النظام السوري منهم 1829 مدنياً في حين قتلت القوات الروسية 241 مدنياً، وقتل تنظيم داعش 942 مدنياً، وقتل 3 مدنين على يد فصائل في المعارضة المسلحة، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية 308 مدنياً، أما قوات التحالف الدولي فقد قتلت 1133 مدنياً، وقتل ما لا يقل عن 367 مدنياً على يد جهات أخرى.
وأشار التقرير إلى وجود ما لا يقل عن 4247 مختفٍ من أبناء محافظة الرقة بينهم 219 طفلاً، و81 سيدة، منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2019، منهم 1712 شخصاً قد اختفوا على يد قوات النظام السوري، و2125 شخصاً على يد تنظيم داعش، و288 شخصاً على يد قوات سوريا الديمقراطية، و122 على يد فصائل في المعارضة المسلحة.
وأكَّد التقرير على أنَّ فريق الاستجابة الأولية بحاجة إلى دعم لوجستي وخبراتي حيث يواجه تحديات عدة في أثناء عمله في البحث واستخراج الجثث، لعلَّ من أبرزها التأخير الكبير في عمليات إزالة الألغام المنتشرة في مناطق مختلفة في محافظة الرقة، وهذا ما أعاق بشكل كبير عملية الوصول الآمن إلى المقابر الجماعية، مُشيراً إلى مقتل 229 مدنياً إثر انفجار ألغام في محافظة الرقة بين تشرين الأول/ 2017 حتى آذار/ 2019.
كما أشار التقرير إلى أنَّ التَّحدي الأكبر الذي يواجه فريق العمل هو عدم امتلاكه سوى معدات حفر يدوية وأدوات بدائية، وافتقاره لوجود خبراء في طريقة حفر ونقل الجثث دون تدمير الأدلة الجنائية، إضافة إلى العجز الكبير من حيث وجود الأطباء الشرعيين المختصين، وعدم وجود مختبر مختص يمكِّن الفريق العامل من تجميع العينات المأخوذة من الجثث (كالعظام، الشعر، الأسنان) ويدوِّنها ضمنَ سجلات تتمُّ أرشفتها، بحيث يمكن لاحقاً أخذ عينات من الأهالي، وإجراء تحاليل DNA للمقارنة والمطابقة.
وذكر التقرير أنَّ عملية نقل الجثث إلى المقابر الرئيسة دون أخذ عينات من بقايا العظام أو الشعر، وعدم وجود فريق مختص من أطباء شرعيين لديهم خبرة طويلة في مزاولة المهنة قد يُعرِّض مواقع المقابر الجماعية للتَّلوث غير المقصود، وكل هذا يُعتبر تشويهاً وتدميراً للأدلة، ويُصعِّب الكشفَ المستقبلي عن هويات أصحاب الجثث، ويدخل المجتمع في حالة من الإخفاء القسري المستمر لعشرات آلاف الضحايا.
ونوَّه التقرير إلى أن سلطات الأمر الواقع وهي قوات سوريا الديمقراطية لم تتَّخذ جميع التدابير الممكنة لجعل هذه العملية تتم على نحو يضمن حفظ الأدلة وصونَ حقوق الضحايا، والكشف عن مرتكبي الانتهاكات في حال وقوعها، وكذلك إدراك حجم الضَّرر والعنف الذي تعرَّضت له المحافظة، وتتحمَّل القوات العسكرية المسيطرة المسؤولية الرئيسة والمباشرة عن كل هذه الأفعال وتداعياتها.
طالب التقرير قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مزيد من الدعم اللوجستي والمادي لعملية استخراج الجثث، والضَّغط على قوات سوريا الديمقراطية لتخصيص قسم أكبر من الموارد المادية في هذا الخصوص؛ حتى لا تعتبر هذه العملية لاحقاً بمثابة تلاعب بالرفات وطمس لأدلة، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية الجثث وبذل كل الجهود لتحديد هوية القتلى وتوفير الدَّفن المناسب في قبور تحمل علامات واضحة.
وأكد على ضرورة إنشاء مختبر يمكن فيه جمع العينات المأخوذة من الجثث لمقارنتها مع عينات من عائلات المفقودين وإنشاء سجل عام مركزي للمفقودين والمساهمة في الإسراع بعملية إزالة الألغام التي تؤثِّر بشكل كبير على عودة المدنيين إلى مدينة الرقة وعلى عملية استخراج الجثث.
وحثَّ التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان على تسليط الضوء على موضوع المقابر الجماعية ومتابعة ما يجري من عمليات نبش واستخراج للجثث، وإصدار تقرير يوضِّح موقفها من هذه العمليات ويُصدر توصيات إلى مجلس الأمن الدولي للتَّحرك لكشف هوية عشرات آلاف السوريين المختفيين.
كما أوصى التقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة محافظة الرقة وأن تُساهم خبراتياً في عملية المساعدة في التَّنقيب عن الجثث وحفظ المواد الجنائية ومنع تعرُّض مواقع الدَّفن للتَّلوث.
وطالب التقرير اللجنة الدولية لشؤون المفقودين بعقد ورشة تدريبية لفريق الاستجابة الأولية المحلي، وتزويدهم بالاستشارة والخبرات اللازمة، وبذل كل جهد ممكن للمساعدة في تحديد هوية المفقودين والمختفين، وهذا سوف يُعزِّز مسار العدالة الانتقالية في سوريا كما طالبها بتفعيل عمل الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين في سوريا بشكل أكبر وبأسرع وقت ممكن.