“لسنا أحياء ولا أموات”.. لاجئات سوريات يتحدثن عن مصاعب حياتهن في تركيا
“ثلاث وخمسون قصة.. بين الألم والأمل”، لنساء سوريات لاجئات في تركيا، تحدثن خلالها عن مصاعب اللجوء وقصص معاناتهم بعد خروجهم من سوريا، بحسب تقرير نشره موقع صحيفة “حرييت(link is external)” التركي وترجمت “السورية نت” بعضاً مما جاء فيه.
وتضمن تقرير الصحيفة الذي نُشر يوم 10 مارس/ آذار الجاري، مقابلات مع 53 امرأة سورية، تتراوح أعمارهن بين 22 و60 عاماً، في أربع ولايات تركية، هي إسطنبول، وبورصة، واسكيشهر، وماردين، حيث نشر الموقع جزءاً من تلك المقابلات.
وقال معدو التقرير إن “النساء السوريات فتحوا لنا بيوتهم وعرفونا على عائلاتهم، وبعضهم التقينا بهم في مركز المدينة التي يعيشون فيها، وأخريات كن متخوفات وسألونا (هل ستعيدوننا إلى سوريا)” ما دفع معدي التقرير لأخذ خبيرة نفسية معهم خلال المقابلات”.
متاعب كثيرة
وتحدثت النساء عن متاعب اللجوء، وما سببته “الحرب” في سوريا لهم من مشكلات ما يزالون يعانون منها، بعد مرور سنوات من اضطرارهم إلى النزوح من بلدهم الأم إلى تركيا.
سهير 46 عاماً، تعيش في مدينة اسطنبول، قالت للصحيفة التركية: “جئت من حمص منذ خمس سنوات، أنا صحفية ومع ذلك أعمل في التنظيف، ابني يدرس الفلسفة في أمريكا وهو مريض جداً”.
وتؤكد سهير أنها لم تتمكن من الذهاب لرؤية ابنها في أمريكا، وقالت إنها “تعيش في تركيا على التوقيت الأمريكي”، (في إشارة لربط حياتها بتوقيت حياة ابنها)، مضيفةً: “أمي توفيت في سوريا منذ أشهر، مع ذلك يجب عليّ أن أكون قوية”. وتساءلت: “لماذا يتوجب علي الذهاب إلى سوريا؟، ماذا سآخذ من المنزل؟، هي كانت كل ما يهمني ولم أستطع رؤيتها منذ خمس سنوات”.
منزل بارد
وتحدث موقع “حرييت” عن جانب من الأوضاع المعيشية التي يعيشها سوريون في تركيا، فتحدثت عن منزل لعائلة لاجئة في ولاية اسكي شهير.
وقالت إن “المنزل كان بارداً جداً، كأننا لسنا بين جدرانه الأربعة، وعند فتح الباب يمكنك مشاهدة المدفأة التي تشتعل بشكل خافت، ومع ذلك كان هنالك طفل شبه عار يسير على الأرض المتجمدة، المنزل ليس فيه كرسي واحد ولا سرير حتى، الأب وأطفاله الثلاثة ينامون على السجادة”.
ونقلت الصحيفة عن “روضة” وهي ربة المنزل، قولها: “نسكن في هذه المنطقة منذ ستة أشهر لا أحد يزورنا، الناس الجيدون موجودون ولكن لم نرى أحداً منذ ستة أشهر”، مضيفة “لم نستطع أن نتأقلم”.
ويشير التقرير إلى أن المقابلات اهتمت بالأطفال الذين حاول الكثير منهم أن يكون “المترجم” أيضاً، وينقل الموقع عن أحمد ذو الثماني سنوات، قوله: “بعض زملائي الأتراك في المدرسة يسخرون من السوريين، لكنني لا أهتم بذلك”.
“أحلامي.. أطفالي”
بدورها قالت بتول 32 عاماً التي تسكن في مدينة ماردين: “ليس لدي أحلام إلا أطفالي، لدي سبعة ولم أكن مضطرة للعمل سابقاً”، مضيفة “ولدّي سراج يحلم أن يذهب إلى مدينة غازي عينتاب ويتعلم مهنة، وأولادي الآخرون يدرسون في المدرسة، هم مجتهدون جداً، أحدهم يحلم أن يصبح رساماً. أحب ماردين جداً ولا أفكر بالعودة إلى سوريا”.
من جهتها، عهد (تعيش في مدينة بورصة)، تحدثت للصحيفة قائلة: “أنا مختصة كيميائية، ولكنهم لا يوظفونني لأنني سورية”، مشيرة في الوقت نفسه: “ولدي في المدرسة يعامله الأستاذ بشكل سيء، ولديه صديق سوري أيضاً، يصرخ الأستاذ كلما سمعهما يتحدثان بالعربية”.
وتنهي عهد حديثها: “لكن نقلت ابني لمدرسة أخرى، المدرس فيها جيد جداً حتى أنه يقول لابني رائع أنت تتحدث التركية بشكل جيد جداً”.
“السوريون تغيروا”
“السوريون الذين أعرفهم تغيروا جداً.. هم غير الذي عرفتهم في سوريا”، بهذه العبارات عبّرت ديانا 22 عاماً عن قناعتها بما حل بالسوريين بعد اللجوء.
وأضافت :”السوريون أصبحوا خائفين جداً، يخافون من بعضهم، وعندما يرون سورياً آخراً في الشارع يديرون وجوهم ولا يستطيعون التحدث، لم يعد أحدهم يثق بالآخر”.
أما مريم 41 عاماً وتعيش في اسطنبول، فالحزن يملئ قلبها، وتقول :”جئنا منذ ست سنوات بعد أن قصف منزلنا في حلب بقنبلة ثم احترق كل شيء، انكسر قلبي لاحتراق صورنا جميعها، سأبقى حزينة عليها حتى نهاية عمري، أتمنى لو أنني فقدت كل شي إلا صورنا”.
وأضافت: “امرأة تركية تسألني. انتهت الحرب لماذا لا تعودون إلى سوريا؟، أفكر. نعود إلى أين؟ منزلنا دمر بالكامل. هل تعلم ما معنى البدء من الصفر مرة أخرى ؟ كيف سنعيش أنا وأطفالي؟”.
وأكدت مريم أنها وعائلتها “ستعيش في هذا البلد وتخدمه”، مضيفةً: “طفلتي تذهب إلى المدرسة، هي في الصف الثالث، تقول (وطننا تركيا والرئيس أردوغان).. وتتحدث عن أتاتورك أيضاً، أنظر إليها وأقول ( لقد أصبحتي تركية يا طفلتي)”.
“أفتقد نفسي”
من جانبها، تحدثت روشين (29 عاماً) عن مشاعرها المؤلمة التي تعيشها يومياً في مدينة إسطنبول التي تعيش فيها، وقالت: “افتقد نفسي وكيف كنت أعيش في سوريا، نسيت معنى السعادة، سأكون سعيدة إذاً لم يؤذني أحد ليوم واحد، كنت أحب شاباً قتل خلال الحرب في سوريا”.
وأشارت إلى المصاعب التي واجهتها خلال عملها قائة: “عاملني مدير المطعم الأول الذي عملت فيه بشكل سيء، وكان يدفع لي القليل من المال”، وأضافت: “ثم عثرت على عمل كنادلة أقدم الشاي لدى حلاق نسائي، أعجب بعملي جداً، فأنا تعلمت المكياج في سوريا، لكن المسؤول عن العمل، يقول لي لا تتحدثي بوجود الزبائن، لا يجب أن يعلم أحد أنك سورية”.
طفلي لا يقول لي “أمي”
ريم 27 عاماً تعيش أيضاً في اسطنبول، تقول: “طفلي لا يقول لي أمي بالعربية، بل (أنيم) بالتركية، لا أشعر بالحزن لذلك، فتعلم التركية سيكون مفيداً بالنسبة له”، وأشارت إلى أنه عندما “يخطئ شخص سوري واحد يعاملوننا جميعاً كأننا مجرمون، لا أحد يسألنا ما هي مشاكلنا (ما سبب مشاكلنا)”.
وفي إشارة عن فقدانها لحاجياتها وذكرياتها في سوريا، تقول اللاجئة السورية: “أحزن على صور أطفالي، لم نستطيع الحصول إلا على بعضها من أقاربنا، يسألني أطفالي كيف كنا نبدو، لا أستطيع الإجابة. لقد فقدنا الكثير”.
بدورها خديجة 57 عاماً تسكن في اسطنبول، تتحدث عن معاناتها في البحث والحصول على منزل للإيجار، وعما أسمته “استغلال” أصحاب المكاتب العقارية للسوريين في تركيا، وقالت: “عندما أقول للسمسار إننا سوريون يطلب 1200 ليرة للمنزل الذي أجاره عادة 700 ليرة، لكن نحن مجبرون على هذا بعدها يقولون (السوريون رفعوا إيجارات المنازل)”.
وبكلمات تعبر عن حجم المآسي التي تعيشها، قالت السيدة فيدان 51 عاماً: “نعيش أوقاتاً صعبة، الجيران لا يعاملوننا بشكل جيد، لا أحد يسأل عنا، نحن لم نأت من الصحراء في سوريا”.
وأضافت اللاجئة التي تعيش في إسطنبول: “الحرب هي من جلبنا إلى هنا، جثث البشر كانت متناثرة في كل مكان حولنا.. ابنة اخي فقدت عقلها بسبب القصف، أما ابني، فَقَدَ إصبعه الوسطى في يده ولا يستطيع تحريك أصابع قدمه بسبب الشظايا عندما أصابت قنبلة بيتنا”.
ويشار إلى أنه يعيش في تركيا قرابة 3.6 مليون لاجئ سوري، يعيش الجزء الأكبر منهم في ولايات اسطنبول، وغازي عنتاب، وأنقرة، ومرسين، وكيليس، ومرسين.