ثمان سنوات من الحرية
بقلم : محمد فراس منصور
حزن عميق يرافقه افتخارٌ واعتزازٌ، تلك هي المشاعر الممزوجة التي نعيشها نحن أبناء سورية وهي تمر الذكرى الثامنه لثورة الحرية والكرامة ، ثمان سنوات ولا تزال شاشات التلفزة تعرض صور القتل والدمار التي أوقعه نظام الأسد بهم ، ولازال العرب يشاهدون ما يعرض على الشاشات فلا هم ينصرونهم ولاهم ينتخون لقضيتهم، وما تزال سورية تعيش ثورة ضد الظلم ، لم يتوقف فيها القتل والعنف والحصار حتى أن أهل سورية شيعوا العشرة شهداء وعادوا بأضعافهم بل وشيعت الأم مع أبنائها… ثمان سنوات ويحاول السوريون أن تكون لهم حكومة تمثلهم وتحمل همومهم ومشاكلهم لكن عبثا يحاولون فلا يد عربية أو إقليمية تمتد لهذه الحكومات الناشئة فتمدها بالمال والعون والمساعدة بل تترك وحيدة في لجة البحار…
يخطف شبابنا ونسائنا ويترك الخاطفون..لقد أعلن ثوار الحرية منذ البداية أننا لن نكون مثل عدونا فنحن لا نضع المسدسات في رؤؤس الأطفال ..ولا نقصف الأحياء ظلماً وعدواناً ولا نرقص على جثث القتلى .. سلاحنا الأقوى إيماننا بعدالة قضيتنا .. نحن لسنا ميلشيات ولا صحوات ولن نكون كذلك ، حلمنا السوري سيبقى باحثاً عن حياة إنسانية فيها نفحة من كرامة أو بقايا من ضمير.
يقتلُ السوري قصفاً وجوعاً وغرقاً ، و يأبى الضمير العالمي إلا أن يلفظَ أنفاسه كل يوم ، فلا صور الأطفال على الصحف العالمية حركت شيء أو غيرت في معادلات السياسه.
ولا جثث مئات الألاف من القتلى غيرت الوجه الأخر للسياسة العالمية القائمة على المصلحة والمصلحة فقط، لكنها فتحت الباب لعشرات الأسئلة عن مسؤولية المجتمع الدولي بمعالجة جذر المشكلة في سورية، إنما كشف كل ما سبق عورة هذا المجتمع الدولي الذي سقط في وحل الحقيقة السورية .
ثمان سنوات و السوري يعيش موجةٌ من الخوفِ والترقب، عقب كل نشرة أخبار عن سورية لم يغب الحلم السوري يوماً واحداً فيها ، بل ظل يتمسك بحقيقة أن السوري يستطيع وأنه لابد للمعادلات القائمة على النفعية المطلقة أن تتغير.
لقد بات السوريين يحتفلون في كل بقعة في العالم بثورتهم بدل أن يحتفلوا على أرض سورية فقط، حملوا أوجاعهم وألامهم معهم ورحلوا بعد أن غنوا على أنغام الربيع العربي القادم من تونس مروراً بميادين مصر .
و الأزمة التي هزت العالم نتيجة ما أحدثته الثورة السورية وكشفته من توازنات خفية للقوى الإقليمية والدولية توازي ردة فعل السوريين على يأسهم وإحباطهم ومعاناتهم،. والأوروبيين أنفسهم يؤكدون أن هذه المأساة نتيجة لموقف الغرب السلبي تجاه ما يحدث في سوريا.
فالسوريين على اختلاف طبقاتهم هربوا من الموت إلى حضن أوربا أملاً أن يكون دافئاً فسافر الأثرياء على متن طائرات ويخوت مريحة، بينما لجأ الفقراء إلى القوارب، فإنتهى بهم المطاف في قاع المتوسط.
سنوات ثمانية ولم تنطفىء شعلة الثورة بل إنها في كل يوم تكشف عن معادلة سياسية غبية تحكم هذا العالم الذي لا يأبه للسوري ولا لمظلوميته.
تدخل الثورة عامها التاسع وهي تكبر رويداً رويداً ويتمرس أبنائها بحبهم للحرية والكرامة واضعين نصب أعينهم تغير ما يستطعون من معادلات قائمة حتى يصلوا إلى ما تصبو إليه سورية الحرة دون ديكتتور يحكمها ويتحكم في مصير شعبها.