إعتقالات المصالحين ووعود الضامنين للكاتب مصطفى النعيمي
أقدمت قوات النظام السوري على إعتقال عشرون شخصا من مدينة دير بعلبة، علماً بأن المعتقلين قد عادوا إلى حمص من مخيم الركبان الحدودي مع الأردن، وذلك بعد إجرائهم المعاملات الرسمية عبر المصالحات مع وفد قوات النظام السوري وبإشراف روسي.
تسعى القوات الروسية بشتى الصعد السياسية والعسكرية وعلى لسان وزير خارجيتها لإنهاء ملف مخيم الركبان في جنوب سوريا والمتمثل بالنقطة الأخيرة التي لم تخضع لسيطرته، ظنا منه بأن سيطرته على كامل الشريط الحدودي مع الأردن سيعيد شرعيته الدولية، ومن ثم لينتقل إلى السيطرة على الحدود العراقية في محاولة يائسة، متجاهلا مشروع الامريكي والمتمركز في معبر التنف الحدودي مع العراق والذي تديره قوات مشتركة أمريكية وبعض فصائل الثورة السورية.
يقطن مخيم الركبان قرابة الستون ألف مدنيا جلهم من النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى بعض مصابي الحرب ممن فقدوا أطرافهم وهم بحاجة ماسة للدواء، وكذلك هنالك بعض الحالات الخطرة التي تطلب إلى العلاج الفوري، وكذلك الحاجة الماسة لمراكز صحية تتوفر فيها كافة الأدوية والمعدات الطبية لأصحاب الأطراف الصناعية، وكذلك النقص الشديد في الغذاء فهنالك شح كبير وضعف في إيصال الغذاء للعوائل المنكوبة التي تفتقد أبسط مقومات الإنسانية في مناطق النزاع الدولية، ولا بد من تذكير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بفض النزاعات بضرورة إيجاد حل شامل وعادل لأهالي المخيم دون إرجاعهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، والذي يمثل معتقل في بداية المطاف وسرعان ما يتم زجهم في المعارك الملتهبة، في مواجهة فصائل الثورة السورية وتنظيم داعش، وسيكون مصيرهم مجهولاً في ظل تلك الفوضى الخلاقة التي ساهم في نشأتها النظام السوري والقوى الداعمة له، ومصير غالبية المناطق التي أجرت مصالحات يبقى مجهولا فالاعتقالات العبثية والتهم المحضرة مسبقا ما زالت مستمرة، وكل المعطيات في المنطقة الجنوبية تؤكد بأن شعلة الثورة السورية لم تخمد مطلقا بل هي آخذه في إعادة ألقها لا وبل ستساهم في خلق مجتمع ثوري صحي بعيدا عن أي ارتباط خارجي يدير دفة الثورة.
يذكر بأنه قد بلغ عدد المغادرين قرابة الثلاث ألاف وتستمر بعض العائلات بتنسيق مع شخصيات المصالحات التي يقودها ضباط النظام السوري، ليقوموا بتسجيل أسماء الراغبين بالعودة الطوعية حد وصفهم ويقوموا بفرض مبالغ مادية مقابل إعطائهم أولوية العودة، حيث تراوحت تلك المبالغ ما بين عشرة آلاف إلى 15 ألف ليرة سورية.
فيما لم تعارض القوات الأمريكية وقوات مغاوير الثورة خروج المدنيين تاركين لهم حرية الإختيار والبقاء من عدمه، وهذا يحمل مؤشر خطير بتخلي ضمني عنهم وترك الإرادة الروسية لتكون المهيمنة في حل قضية مخيم الركبان، ولم يصدر أي تعليق للأمم المتحدة المعنية في حل تلك الأزمات وسبق لها بدخولها مناطق أشد سخونة وكانت من أسخن تلك المناطق مدينة الأنبار في العراق.
الدور الرمادي الذي تقوم به المنظومة الدولية بشكل عام والأمم المتحدة بشكل خاص، يؤكد بأنهم ماضون في الحل وفق الرؤية الروسية وبأن أمريكيا كدولة عظمى غير معنية بالملف السوري، وذلك لعدم وجود أي مقومات إقتصادية قد تستفيد منها الولايات المتحدة في المدى القريب، ولكن وجود بعض القطاعات العسكرية والعدد الخجول يؤكد في ذات الوقت بأنها ما زالت معنية بمسك خيوط اللعبة الدولية وبأنها تسعى لتوريط روسيا وإيران أكثر في الحرب السورية كي تستطيع تحقيق مكاسب أكبر وذلك عبر تطوير قدراتها العسكرية، وهذا ما أكدته وزارة الدفاع الروسية من خلال تهديد أميركي نتج عن تماس جوي ما بين طيارين روسي وأميركي، وتم إمتصاص الصدمة من قبل روسيا والإنكفاء وعدم المحاولة من الإقتراب من خطوط الملاحة الجوية الأمريكية في الكانتون الأميركي داخل سوريا، وذلك عبر رسائل شديدة اللهجة بأنها قد تستهدف أي طائرة روسية تقترب من المجال الجوي الأميركي في سوريا وتحقق الهدف الأميركي، فالخاسر الأكبر في تلك المناكفات الدولية هو الشعب السوري وذلك لأنه أصبح ضحية لخذلان المنظومة الدولية وتغطرس القوة العسكرية الروسية عبر إعادة تدوير النظام السوري، وذلك عبر دعمه اللامحدود عسكريا والغارات التي أجبرت الفصائل العسكرية الثورية لمغادرة ثلاثة مناطق لخفض التصعيد رغم الإتفاقية الدولية التي تمنع النظام من إجتياحها والصمت الدولي على التهجير القسري والتغيير الديموغرافي، هل ستبقى روسيا تعبث في مقدرات سوريا وتبقى أميركا مسيطرة على النفط السوري في تحد صارخ لقرارات مجلس الأمن التي من أهم مقرراتها القرار 2254 حيث تم التصوت عليه في مجلس الأمن يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2015 ينص على بدء محادثات السلام بسوريا في يناير/كانون الثاني 2016، وبينما أكد أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد دعا لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية مطالبا بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري.